SPL Home
التأخراللغوي عند الأطفال

19/01/2025 - أماني سمارة

التأخراللغوي عند الأطفال

تخيل طفلاً صغيراً يجلس صامتاً بينما يتحدث أقرانه بحماس من حوله. هذا المشهد المؤثر يمثل واقع العديد من الأطفال الذين يعانون من تأخر اللغة. حيث تلعب اللغة دوراً محورياً في الروابط الأسرية والثقافية، يمكن أن يكون تأخر اللغة مصدر قلق كبير للآباء والأمهات. حيث ان لحظة سماع الطفل وهو ينطق كلمته الاولى. لحظة سحرية تملأ قلب كل والد بالفرح والفخر. ولكن ماذا يحدث عندما تتأخر هذه اللحظة؟ تأخر اللغة هو تحدٍ يواجه العديد من الأطفال والأسر في مجتمعاتنا ، ويؤثر على تطورهم وتفاعلهم مع العالم من حولهم .

تعريف التأخر اللغوي

يُعرف التأخر اللغوي على أنه تأخر الكلمة الأولي للطفل في السنة الأولي مقارنة بالأطفال العاديين في نفس عمره، ويتسم التأخر اللغوي أيضاً بعدم قدرة الطفل على فهم معاني الكلام والأسئلة، وعدم استخدام اللغة في السياق اللغوي السليم، وبذلك لا يستطيع الطفل التعبير عن مشاعره واحتياجاته في المواقف الحياتية المختلفة . (أسماء أبو الحمد، ٢٠١٦ (

يُعرف ايضا وفقًا لجمعية السمع والنطق الأمريكية

(ASHA - American Speech-Language-Hearing Association)

بأنه بطء أو عجز في تطور المهارات اللغوية مقارنة بما هو متوقع لعمر الطفل الزمني ، هذا التأخر يمكن أن يؤثر على واحدة أو أكثر من مجالات اللغة التالية:

  1. الفهم (Receptive Language): قدرة الطفل على فهم الكلمات والجمل التي يسمعها.
  2. التعبير (Expressive Language): قدرة الطفل على استخدام الكلمات والجمل للتواصل مع الآخرين.
  3. الاستخدام الاجتماعي للغة (Pragmatics): القدرة على استخدام اللغة بشكل مناسب في السياقات الاجتماعية.

و التأخر اللغوي لا يعني بالضرورة وجود اضطراب دائم؛ فقد يكون الطفل بحاجة إلى تدخل مبكر لتحفيز تطور اللغة.

اسباب التأخر اللغوي

  1. العوامل الوراثية: قد يكون للتاريخ العائلي دور في تأخر اللغة، حيث يمكن أن يكون هناك استعداد وراثي لمثل هذه الحالات.
  2. الحرمان البيئي: يحدث عندما لا يتعرض الطفل لمثيرات لغوية كافية في بيئته، مثل قلة التفاعل اللفظي مع الوالدين أو المحيطين به، مما يحد من فرص تعلم اللغة.
  3. اضطرابات التواصل الاجتماعي، حيث يواجه الطفل صعوبات في التفاعل الاجتماعي والتواصل اللفظي.
  4. التأخر النمائي العام: يتعلق بتأخر عام في نمو الطفل، بما في ذلك المهارات الحركية والمعرفية، مما يؤثر بدوره على تطور اللغة.
  5. الإصابة الدماغية: تشمل الإصابات التي تؤثر على المناطق المسؤولة عن اللغة في الدماغ، مما يؤدي إلى تأخر أو اضطراب في تطوير اللغة.
  6. ضعف في عضلات الفم: قد يؤدي ضعف العضلات المسؤولة عن النطق إلى صعوبة في إنتاج الأصوات والكلمات بشكل صحيح.
  7. الأسباب العصبية: وتتعلق بالخلل الذى يحدث بالجهاز العصبي المركزي، فالدماغ هو الذي يتحكم بوظائف الجسم وأي خلل يؤثر في ذلك، وقد يحدث الخلل في الدماغ ما قبل الولادة أو أثناء أو بعد الولادة، خصوصاً في المناطق المسئولة عن اللغة في مراكز اللغة في الدماغ (السرطاوي، وأبو جودة، ٢٠٠٠)
  8. -الأسباب النفسية : تؤثر الاضطرابات النفسية في التواصل مع الآخرين، كما أن لهذه الأمراض تأثير غير مباشر في الأطفال ويشير

 "Mesquita de.&, W, Gilliam " أن تأخر نمو اللغة لدى الأطفال يرجع إلى المشاكل السلوكية العاطفية بشكل واضح وملحوظ ، وأنه عندما يتم علاج تأخر نمو اللغة ، فإن المشاكل السلوكية والعاطفية تختفي.

كما انه يمكن أن يكون التأخر اللغوي عرضًا لمشكلة أخرى، مثل اضطرابات السمع، التوحد، أو الإعاقة الذهنية.

اعراض التأخر اللغوي

من المهم التعرف على العلامات المبكرة لتأخر اللغة فهناك بعض المؤشرات التي يجب الانتباه إليها:

  • عدم نطق الكلمات الأولى بحلول عمر 12-18 شهرًا.
  • عدم الاستجابة لاسمه عند مناداته.
  • لا يستطيع تكوين جملة مكونة من كلمتين في عمر السنتين.
  • قلة المفردات مقارنة بأقرانه.
  • الاعتماد بشكل كبير على الإيماءات بدلاً من الكلام للتواصل.
  • ميل الطفل إلى الصمت أو الانسحاب من التفاعل الاجتماعي.

فعند عند ملاحظة أي من هذه الأعراض، يُنصح باستشارة أخصائي نطق ولغة لتقييم الطفل بشكل دقيق ووضع خطة علاجية إذا لزم الأمر. التدخل المبكر يعزز من فرص تحسين المهارات اللغوية للطفل.

 فإن ASHA تؤكد على أن التأخر اللغوي يتم قياسه باستخدام اختبارات معيارية، حيث يتم مقارنة مهارات الطفل بأقرانه من نفس العمر.

فيمكن تشخيص التأخر اللغوي عبر مجموعة من الأدوات والتقنيات التي تساعد في تحديد مدى تأخر المهارات اللغوية:

مراقبة  الأخصائي سلوك الطفل، قدرته على التواصل، ومدى استخدامه للكلمات والجمل. ويمكن ان يطبق اختبارات مثل اختبار اللغة المنطوقة والمكتوبة (TOLD) الذي يقيس جوانب مختلفة من اللغة مثل المفردات والقواعد.

تأثير تأخر اللغة على نمو الطفل

إن تأثير تأخر اللغة يمتد إلى ما هو أبعد من مجرد صعوبة في التواصل. فهو يمكن أن يؤثر على:

  • النمو الاجتماعي : قلة التفاعل مع الأقران، مما يؤدي إلى العزلة الاجتماعية.
  • الثقة بالنفس وتقدير الذات
  • القدرة على التعلم والتحصيل الأكاديمي

ولذلك يُعد دور الأهل أساسيًا في دعم الأطفال الذين يعانون من التأخر اللغوي ويمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا في تطوير مهاراتهم اللغوية وذلك من خلال

  • التحدث المستمر مع الطفل وتشجيعه علي الكلام
  • قراءة القصص الشيقة لتعزيز المفردات لديه.
  • منح الطفل وقتًا كافيًا للتعبير دون مقاطعته.
  • اللجوء إلى اخصائي النطق واللغة لتقديم خطط علاجية مناسبة.
  • التحاق الطفل بالروضة في عمر مناسب ومشاركته في الانشطة الاجتماعية مع اقرانه

المراجع العربية

  • جامعة عين شمس، كلية الطب. (2017). أمراض اللغة والتخاطب: اضطرابات النطق والكلام. قسم الأنف والأذن والحنجرة، وحدة أمراض التخاطب. القاهرة، مصر.

المراجع الاجنبية

  • American Speech-Language-Hearing Association (ASHA)
  •  Gilliam, S. Walter & de Mesquita, B. Paul. (2000), The Relationship between language and cognitive development and Emotional-Behavioral problems in financially- Disadvantaged preschoolers, A longitudinal investigation, Abst Eric, Early development and care, vol.(62), P. (9-24), Jun.